السلم أقوى الخيارات لاستقرار الوطن
نشّط الدكتور عبد الله بوخلخال في إطار برنامج منبر الفكر النصف شهري للزميل بلال بوجعدار بالنادي الثقافي لإذاعة جيجل الجهوية، محاضرة حول موضوع “ ثقافة السلم.. الأصول والإكراهات”، وجاء اختيار هذا الموضوع بالذات بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لميثاق السلم والمصالحة الوطنية والذي أقرّه الشعب في استفتاء 29 سبتمبر 2005. المحاضر تطرّق الى العديد من المحطات المأسوية التي عاشتها البلاد خلال تلك المرحلة التي خلفت الدمار في البنية التحتية، وخسائر كبيرة في الأرواح، قائلا في هذا الجانب “لا يخفى علينا ما عشناه من مآس خلال ما سمي بالعشرية السوداء”، مؤكدا على الأهمية الكبيرة للسلم المحقّق والاستقرار الذي كان من نتائج هذا المسعى، “واليوم نحمد الله على نعمة السلم التي نتمتع بها في الوقت الذي يعيش الكثير من إخواننا في المشرق والمغرب ويلات الصراعات والحروب”. وتناول الاستاذ الموضوع انطلاقا من مبدأ فطري في البشر، وهو اختلافهم منذ الأزل، موضحا أن الاختلاف في كثير من الأحيان يؤدي إلى الصراع والصراع قد يفضي إلى الحروب، لكن سيضطر المتحاربون يوما ما إلى الصلح كما خلص بوخلخال، لكن بعد آلام ودموع ودماء ومآس، كضريبة حتمية لهذا الصراع، مع أنه كان بالإمكان أن يتجنبوا كل هذا لو أنهم تحلوا منذ البداية بثقافة الحوار والسلم، لهذا يرى المحاضر وجب إشاعة ثقافة السلم والمصالحة. كما حرص على التأسيس لها بالاستناد إلى القيم الأصيلة المستمدة من ديننا الحنيف، وقدوتُنا في هذا المجال هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل هو في هذا الجانب قدوة كل عظماء العالم ممن تحلوا بهذه الثقافة، كما أضاف الدكتور، ومن تاريخنا القائم أصلا على قيم الحوار والتفاهم والتضامن. المحاضر في مستهل حديثه، أوضح أن ثقافة السلم والمصالحة راسخة في تراثنا، وما الهيئات التقليدية المؤطرة للمجتمع المحلي منذ قرون، والمسماة “تجماعت” في منطقة القبائل، و”الجماعة” في بلاد الشاوية، و”العزابة” في وادي ميزاب، وفي غيرها من مختلف مناطق الوطن إلاّ شاهد حي على هذه الثقافة المتأصلة في المجتمع الجزائري، وهو رصيد من التراث يرى الاستاذ وجب أن نستثمره في تأطير المجتمع. وفي هذا السياق، أشار بوخلخال إلى أنه على الرغم من وجود ما يزيد عن 72 ألف جمعية عبر الوطن إلاّ أن دورها يبقى محدود جدا في أوساط المجتمع، فثقافة السلم حسب الأستاذ المحاضر، مشروع ينبغي أن يساهم فيه كل الفاعلين في المجتمع من الأسرة إلى الإعلام إلى الطبقة السياسية إلى المجتمع المدني، ولابد من أن يستند إلى مرجعية مستمدة من التراث الإسلامي ومن تاريخ الحركة الوطنية ومن قيم الثورة التحريرية المظفرة.